كتبت – د.إيناس فؤاد اكتشف عدد من العلماء في مدينتي روستوك ولايبزج بشرق ألمانيا الأسس التي يقوم عليها مرض خرف الشيخوخة "زهايمر". قام العلماء بمراقبة الطريقة التي تصل بها البروتينات السامة إلى مناطق معينة في المخ البشري وعثروا على إنزيم يعيق نقلها إلى خارج المخ،
الأمر الذي يؤدي إلى ظهور مرض الخرف"زهايمر" وقام فريق من علماء الطب في مدينة لايبزج بمراقبة دقيقة لطريقة وصول البروتينات السامة عبر خيوط الأعصاب إلى منطقة قرين آمون "هيبوكامبوس" بمخ الإنسان وهي المنطقة الخاصة بالذاكرة والتعلم. في المقابل توصل علماء مدينة روستوك إلى أن عدم قدرة المخ على التخلص من هذه البروتينات السامة هو المسئول عن ظهور مرض الخرف "زهايمر" عند كثير من الناس. وذكرت مجلة "جورنال أوف كلينيكال إنفستجيشن" الأمريكية المتخصصة اليوم الخميس أن فريق العلماء في روستوك توصل عبر دراسة جينية أجريت على الفئران إلى أن خللا فيما يسمى ناقل المعلومات "إيه بي سي سي 1" بالمخ يؤدي إلى تزايد الأنزيمات الضارة المسببة لمرض الشيخوخة "زهايمر" بمقدار 12 ضعفا. ويقول رئيس الفريق العلمي بجامعة روستوك جينس بانكه إنهم توصلوا إلى تخفيض كمية أنزيمات مرض "زهايمر" في المخ بنسبة 70% خلال 25 يوما باستخدام نسب من عقار ثيثيلبيرازين المعروف منذ عقود، مشيرا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها عن وظيفة ناقل المعلومات المذكور"إيه بي سي سي 1" في الإصابة بمرض الخرف"زهايمر" ، والتأثير فيه علاجيا أيضا. وذكر بانكه أن المطلوب الآن هو زيادة تطوير هذا الدواء. ويعتقد بانكه أن الأمر ربما يحتاج إلى خمسة أعوام مقبلة حتى يتم استخدام العقار في معالجة هذا المرض بصورة عامة. يقول بانكه: "إن المواد السامة التي ينشأ عنها مرض زهايمر تتكون في مخ كل إنسان بطريقة عادية دلالة على الدخول في السن"، مشيرا إلى أن مخ الإنسان الصحيح ينجح في طردها خارجه. أما في حالة تخزين هذه المواد الضارة في مخ الإنسان فإن النتيجة تكون موت الخلايا العصبية ويؤدي هذا بالتالي إلى الإصابة بمرض الخرف. يضيف بانكه قائلا: "من غير المعروف تماما كيف يحصل هذا التراكم عند 99% من مرضى الخرف"زهايمر" ، ونحن لا نستطيع التوصل إلى أسبابه إلا في حالات الإصابة به في بعض العائلات"، مشيرا إلى أنه لم تعرف حتى الآن طرق لعلاجه يمكنها التأثير في مدة المرض أو مساره بصورة فاعلة. ويذكر بانكه أن فريق البحث الذي يرأسه والمكون من 20 عالما يبحث حاليا عن مرضى في جميع أرجاء ألمانيا لإجراء فحوص من شأنها التعرف على طبيعة نقل المعلومات بالمخ عند مرضى الخرف، حيث إن من المعروف أن وظيفة ناقل المعلومات "إيه بي سي سي 1" تتأثر بالمواد الغذائية وتناول الأدوية وبعض المؤثرات البيئية الأخرى. وأعلن بانكه أن فريقه العلمي يبحث بصورة خاصة عن حالات زوجية من كبار السن يعاني أحد الطرفين فيها من مرض الخرف. ويقول فولفجانج هيرتيج وهو خبير بمستشفى جامعة لايبزيج إن عمل بانكه يعد خطوة كبيرة على طريق علاج مرض الخرف "زهايمر"، مشيرا إلى أن تشخيص المرض تقدم بشدة خلال الأعوام الأخيرة، إلا أن عملية التطور في علاج المرض ظلت مع ذلك في جمود تام. وقال هيرتنج إن وسائل علاج المرض المعروفة حتى الآن لا تؤثر في جميع الحالات ، ثم إن أثرها لا يمتد لأكثر من عام واحد ، مؤكدا القول: "كل فكرة جديدة في هذا الطريق كالتي أعلنها بانكه تعد أمرا مرحبا به إلى أقصى درجة". من جهة أخرى عرض فريق علمي آخر يقوده البروفيسور ستيفن روسنر من جامعة لايبزج أيضا اليوم الخميس وصفا للطريقة التي تصل بها البروتينات الضارة إلى منطقة قرين آمون بالمخ البشري. وذكر بيان صحفي لجامعة لايبزج اليوم الخميس إن روسنر قال "راقبنا عمليات انتقال هذه المواد لمنطقة هيبوكامبوس بصورة دقيقة وفي وقتها الحقيقي تماما"، مشيرا إلى أن إنزيم "جلوتامينيل زيكلاس يلعب دورا في نشأة المرض. ويقول روسنر المتخصص في طب الدماغ: "إنها المرة الأولى التي يتم فيها إثبات علاقة بين المخ المصاب بالخرف وبين هذا الإنزيم الضار". وأوضح روسنر أن فريقه الطبي يقوم حاليا بإجراء تجارب على مواد فعالة من شأنها تثبيط هذا الإنزيم بالتعاون مع شركة هالنزر للأدوية. قام فريق روسنر بنشر أبحاثه تلك في مجلة "أكتا نيوروباثولوجيا" المتخصصة.