النشرة البريدية من جريدة الطبيب
سجل بريدك هنا ليصلك جديد الأخبار من جريدة الطبيب
أساءة معاملة الاطفال المعوقين في المراكز الخاصة بهم
2012-05-15 17:37:21

عمان-نسرين ملاح- كشف فيلم وثائقي بثته "بي بي سي" العربية الليلة، صُور بسرية عن إساءة معاملة أطفال معوقين أودعتهم أسرهم في دور رعاية خاصة بالأردن.

وعرض فيلم (خلف جدران الصمت) والذي صور بسرية مشاهد من الفوضى والعنف التي تحدث داخل المراكز فنرى طفل يبدو واضحا عليه الضيق والانزعاج يُجر قسراً إلى داخل الفصل، وفتاة صغيرة تساق ممسوكة من شعرها ومشاهد لفتاه كفيفة تنام على سريرها طوال اليوم لا يتفقدها المشرفون إلا في أوقات تناول الطعام أو لكي تستخدم المرحاض وحالات أخرى مشابهه.

يقول ناصر الشماعين لبي بي سي خلال الفيلم هو أحد الآباء الذين يصرون على الملاحقة القضائية لدار الرعاية التي أودع طفله فيها، بأن ابنه تعرض لضرب مبرّح في مركز الهلال بعمان، فيما ينكر مسؤولو المركز تلك الإتهامات.

وجاءت فكرة إنتاج الفيلم بعد أن رصدت الصحافية حنان خندقجي في الأردن شكاوى آباء وأمهات قالوا إن أطفالهم المعوقين تعرضوا لسوء معاملة داخل دور رعاية خاصة.‏

وقد أمضت حنان عاماً كاملا في التحقق في تلك الشكاوى، بعدها قررت بي بي سي العربية إرسال فريق من صحفييها للعمل كمتطوعين في تلك الدور، واستخدام كاميرات سرية للحصول على أدلة، ولكشف الحقيقة.

ووقال التقرير ان " ما صورناه هناك هو لقطات صادمة لسوء المعاملة وللإهمال والعنف الذي يمارس ضد الأطفال في ظل فشل الرقابة الحكومية في حماية أطفال الأردن المعوقين.

وتابع" يوجد في الأردن أربع وخمسون دارَ رعاية للأطفال المعاقين تؤوي آلافاً من ذوي الإحتياجات الخاصة حيث تستقبل هذه الدور الأسر الراغبة في إيداع أبنائها بالترحاب، والتأكيدِ لهم على ما توفره من حسن الرعاية واحترافيتها.‏ ولكن بعض الآباء والعاملين السابقين روَوا لبي بي سي قصصاً عن سوء معاملةٍ وإهمال في بعض من مراكز الرعاية الخاصة في عمان".

محمد يحيى، مدير البرامج في بي بي سي العربية يقول إن المراكز الخاصة لرعاية الأطفال المعوقين في الأردن تعد أسر هؤلاء الأطفال بتوفير مستوى مرتفع من الرعاية وحسن المعاملة، لكن ما سجله فريق بي بي سي بالصوت والصورة كان بعيداً كل البعد عن تلك الوعود.

"إعاقات هؤلاء الأطفال تمنعهم في أغلب الأحيان من التعبير عما يعانون منه، ومع قصور نظم الرقابة الحكومية وقلة حيلة أسر هؤلاء الأطفال بسبب صعوبة الملاحقة القضائية للقائمين على دور رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، تستمر معاناتهم في صمت".

وكان جلالة الملك بعث برسالة شديدة اللهجة لحكومة الدكتور فايز الطراونة عبر فيها عن استياءه الشديد من الوضع الغير مقبول في دور الرعاية.

وتالياً نص الرسالة الملكية:

بسم الله الرحمن الرحيم دولة رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة، حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، نبعث إليك ولزملائك الوزراء بأطيب التحيات والأمنيات بدوام التوفيق والنجاح، وتحقيق ما نتطلع إليه والأردنيون جميعا من إنجازات تساهم في تعزيز مسيرة التقدم والازدهار في وطننا الغالي.

لقد ساءنا جدا ما تضمنته تقارير تناقلتها وسائل إعلام حول وجود إساءات وانتهاكات تتعرض لها فئة عزيزة وغالية علينا، وتحظى باهتمامنا ورعايتنا المستمرة، وهي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة. فالتقصير والإهمال، والتجاوز على المبادئ الأخلاقية، الذي تمارسه بعض مراكز التربية الخاصة المعنية برعاية هذه الفئة، كما أوردت هذه التقارير، والتي يفترض أنها تقوم بتقديم خدمات إنسانية نبيلة لها، وإعادة تأهيلها لإدماجها في مجتمعنا، ترك في نفسنا الألم، على ما وصل إليه الحال من اعتداء وتجاوز صارخ على كرامة الإنسان، التي هي خط أحمر، وفوق كل اعتبار.

إن وجود أي تجاوزات أو انتهاكات أو إساءات في مراكز التربية الخاصة مرفوض بالمطلق ولا يمثل كبرياء الأردنيين وشهامتهم، بل هو أبعد ما يكون عن قيمنا وأعرافنا الأصيلة والعريقة، والمستمدة من ديننا الحنيف. وهذه التجاوزات والانتهاكات والإساءات، إن وجدت، فإنما تدل على حجم التقصير في الرقابة على أعمال مثل هذه المراكز التي انقلبت على رسالتها إلى درجة التطاول على منظومة الأخلاق والقيم، بشكل سافر لا يمت للإنسانية بصلة.

وفي ضوء ما أشارت إليه هذه التقارير من إساءات وانتهاكات تحدث في بعض هذه المراكز، فإننا نوجه الحكومة لتشكيل لجنة تحقيق وتقييم لعمل هذه المراكز كافة، الخاصة منها والعامة، على أن تنهي أعمالها خلال أسبوعين من الآن، وإعداد تقرير مفصل حول واقع وأداء هذه المراكز ومدى تحقيقها لشروط الترخيص، ومتطلبات الرقابة المحلية والدولية. كما نؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لتحويل كل من يثبت تورطه بارتكاب تجاوزات وانتهاكات إلى القضاء، حتى ينال عقابه جراء ما ارتكبه من سلوكيات مشينة، ويكون عبرة لغيره ممن تسول له نفسه القيام بمثل هذه الأعمال المسيئة.

وأوجه الحكومة كذلك البدء مباشرة بالتفتيش والمتابعة وتشديد الرقابة على كل المراكز والمؤسسات في القطاعين العام والخاص، التي تعنى بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، والمراكز الأخرى المعنية بتقديم خدمات التنمية الاجتماعية، للوقوف على مدى التزامها بواجباتها، والنهوض بمسؤولياتها، وتأدية دورها على الوجه الأكمل، خصوصا في الحفاظ على كرامة الإنسان، ومعاملته بالحسنى.

إننا إذ نؤكد ضرورة مراجعة جميع التشريعات والأنظمة التي تحكم عمل مراكز التربية الخاصة لتمكينها من العمل وفق أفضل الممارسات والمعايير الدولية، لنعبر عن الفخر بمؤسسات وطنية رائدة حققت إنجازات متميزة في هذا المجال، ولها سمعة طيبة في سائر أرجاء العالم، وأثبتت أنها على قدر المسؤولية المناطة بها، والتي نأمل أن تشكل لسواها النموذج والقدوة.

لقد نذرنا أنفسنا لحماية الإنسان الأردني وصون كرامته، والدفاع عن حقوقه وتلبية احتياجاته. فالمواطن هو ثروتنا ورأسمالنا الحقيقي، وأولويتنا دوما هي توفير البيئة الآمنة والصحية السليمة لمختلف شرائح المجتمع كي تحيا بكرامة، وتعيش بكل سكينة وطمأنينة، وهذه هي رسالتنا التي حملها أباؤنا وأجدادنا، ولن نقبل أبدا أن يكون هناك أي خطأ أو تجاوز لا تتم معالجته بشكل فوري وجذري، ومحاسبة مرتكبيه.

سائلين الله العلي القدير أن يوفقنا في خدمة شعبنا العزيز، وأن يبقى الأردن الوطن القدوة والبلد النموذج.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عبدالله الثاني ابن الحسين عمان في 22 جمادى الآخر 1433 الموافق 14 أيار 2012

أضف تعليق
: الإســـــــــــــــــــم
: عنــــوان التعليق
: البريد الالكترونى
: التعليــــــــــــــــق
الأكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الطبيب الألكترونية 2012
تصميم وبرمجة مؤسسة الطبيب للصحافة والنشر