النشرة البريدية من جريدة الطبيب
سجل بريدك هنا ليصلك جديد الأخبار من جريدة الطبيب
الباحث محمد زعيتر M_Z اضغاث اقوال
الأربعاء 10 ربيع الثاني 1445 هـ - 25 أكتوبر 2023 م

وصف الحالة السورية والفلسطينية (التهجير القسري، القتل ) ستمتلئ الكلمات وهي تمر في عرباتها بالدموع. وستذوب كالملح في ماء الحزن فهي لا تجيد السباحة. فإن قلتُ إن المآذن والمساجد في سوريا وغزة مذبوحة وتنزف بالأذان، ستفيض نافورة الدمع من العيون وتغرق الكلمات. عندها سيدلني قارئ جديد لا يعرفني جيدا إلى حل: غط كلماتك بقماشة من المجاز الكثيف لتمر الكلمات من دون بلل. وابتعد عما يوجع من وصفك الجريء مثل: يثقب مراقب دولي - بطريقة غير مباشرة طبعا - قلب طفل يركض خائفا من رصاص الموت الى غرب السكة ومابعد الاتستراد …. لكن قل ساخرا: إن الطفل تعثر في حجر ومات، فقد كان يشكو من هشاشة العظام لأنه لا يشرب الحليب كل صباح. وإن قلتُ: إن الحياة مشنوقة في مخيمات اللاجئين والملاجئ وبيوت الاجار بالدخان على باب المدينة التي يحلم بها ذلك الاشعث. قد يمر بي قارئ آخر لينصحني بترك المجاز: ابرد كلماتك المربعة ذات الزوايا الحادة بالدبلوماسية لتصير دائرية إلى حد ما، فالحياة مصالح والكل يخطئ والصلح خير. سأشكره طبعا لأن النصيحة بنت التجربة، لكنني سوف أمضي على مهل إلى مقهى قريب لأنظم خرز الكلمات من جديد. وقد يمر بي مزارع بعربة مملوءة بالبرتقال تصرصر عجلاتها وأنا أقول: إن الذي تبقى من الياسمين في البلاد تحشو به الأمهات جراح الصغار المفتوحة كفم السمكة. سيقول المزارع: سمعتُ ما قلتَ، لكنني أمر بعربتي هذه وأنا أبكي على ما أراه من قتل كل يوم في الصحافة والتلفاز؛ والبرتقال في عربتي لا يذوب، لذلك لا أستطيع فهم مشكلتك. فإن تركني وشأني بدأت في سن كلماتي بالتفاعيل حتى تصير مدببة كالسكاكين وطويلة كرمح إفريقي، استعدادا لوصف آخر. لكن قد يمر بي رقيب نحيل - على الأرجح هو يقرأ هذه الكلمات الآن - ليقول لي: غير العربة، فأنت محتاج إلى مدرعة. فالحالة السورية والغزاوية مملوءة بمدافع الهاون والقناصة والصواريخ، فإن مرت كلماتك من مقصي فهل ستمر من الآلة العسكرية؟ لكنني غالبا سأمضي لأعبئ كلماتي بالقوافي هكذا: يمر الكلام على موت طفل كبسملة الأم والفاتحةْ يمر كرمح طويل تسدده دعوة صالحةْ وينزل بين العيون دموعا ولا لون فيه ولا رائحةْ. عندها سيطوي هذه الصحيفة ناقد متوسط الحجم، ويقول: يلعن ديدن الاسد من الجد للولد عندما لا يكون لك موقف خاص، وذات مستقلة بمبادئها، ولا تمتلك شخصية، تضطر لأن تأخذ مواقفك بناء على خصومات الغير وهكذا تستفيد كل نظم القبح والعصابات المذهبية، من انعدام ضميرك وشخصيتك وذاتك المستقلة. احذر أن تكون في النوازل مجرد ظاهرة صوتية، بل جذورًا ممتدة وساقًا مستقيمة ثابتة وأغصانًا شامخة، تخرج الكلمة يدفعها الإيمان والفريضة، رؤيتك واضحة تبصر أفق النصر مهما طالت المسافة، وتكاليف المسيرة في الحسبان لا تخفى. لا تخفت غيرتك وغضبتك للحق لمجرد تلاشي الضجيج! بل كن كيسًا فطنًا، تستجمعها قوة ضاربة في الأرض تجمع وتعد ليوم الظفر المبين. الصراع طويل والصبر فيه ذخيرة واليقين يغذي الأعمال الفاتحة.لا تفكر إلا في ما ستقوله لله جل جلاله  يوم تلقاه ويسألك عما فعلت حين عصفت النوازل والخطوب والمحن بالمسلمين، ولا تفكر بما يقوله الناس عنك أو يقوله المتخلفون عن دفع الباطل، فلا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين.
أضف تعليق
: الإســـــــــــــــــــم
: عنــــوان التعليق
: البريد الالكترونى
: التعليــــــــــــــــق
الأكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الطبيب الألكترونية 2012
تصميم وبرمجة مؤسسة الطبيب للصحافة والنشر