يعاني الطفل المصاب بالتوحد من مشاكل في مجال التفاعل الاجتماعي ومهارات التواصل مع الآخرين، وله طريقته الخاصة في فهم الأمور وبيئته وعاداته التي يقاوم بشدة ضد محاولات تغييرها، وتظهر الأعراض خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل وتستمر معه مدى الحياة، ويصيب الذكور بشكل أكبر من الإناث بمعدل أربع أضعاف، وقد أصدر المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) تقريراً نهاية الشهر الماضي حذّر فيه من ارتفاع نسبة الإصابة بالتوحد إلى معدلات قياسية، حيث أكد التقرير إلى أنه بات يصيب واحداً من كل 88 طفلاً أمريكياً.
لقد دفع الانتشار المطّرد لهذا الداء البروفيسور دينيس وول من جامعة هارفرد الشهيرة وزملاءه إلى إجراء العديد من الاختبارات والتجارب حول الطريقة الأمثل لتشخيص الإصابة بالتوحّد، وقاده ذلك إلى التوصّل لطريقة تختصر حوالي 95% من الوقت المستغرق للتشخيص عادة، فالاختبار المُعتمَد حالياً لتقييم سلوك الطفل مكوّن من 93 جزءاً وعادة ما يأخذ أكثر من ثلاث ساعات ويتطلّب وجود طبيب متمرس لأدائه، في حين اقتصر الفحص الجديد على سبعة أسئلة قادرةٍ - بحسب الباحثين - على تشخيص التوحّد خلال دقائق وبنسبة دقة تصل إلى 100%.
يقول البروفيسور وول: "نعتقد بأن هذا النهج الجديد سيجعل بالإمكان تشخيص التوحّد بدقة لدى المزيد من الأطفال وذلك في فترات مبكرة، فترات تكون فيها العلاجات السلوكية فعّالة للغاية".
كما تشير الدراسة إلى وجود تأخير يتجاوز السنة في كثير من الأحيان بين ظهور الأعراض والعلامات الأولية لمرض التوحد وبين التشخيص، وتردّ الدراسة ذلك التأخير إلى ساعات الانتظار التي يقضيها الأهل لرؤية الاختصاصي الذي يستطيع أن يجري الفحوصات ويطلق التشخيص رسمياً.
ويأمل الباحثون أخيراً أن يتمكّن نهجهم الجديد من إحداث فارق جوهري في عالم التوحّد والذي ما تزال كثير من أسراره طي الكتمان حتى الآن، فالتشخيص من المنزل وخلال بضعة دقائق فقط سوف يشجع العديد من الأشخاص إلى إخضاع أولادهم له وبالتالي كشف المزيد من الحالات في أبكر وقت ممكن بحسب ما أورده الباحثون، ولابد من الإشارة أخيراً إلى توفّر مسحٍ خاص على شبكة الإنترنت أقامه الباحثون لتقييم هذا الفحص الجديد، وهو مجاني لمن يريد أن يصبح جزءاً من ذلك المسح: